ماهي خلفيات التضييق على العدل والإحسان أوربيا؟



ماهي خلفيات التضييق على العدل والإحسان أوربيا؟

 

         

نورالدين لشهب - هسبريس

Friday, December 05, 2008

في الصورة عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان

يوم الثلاثاء 18 -11-2008 أوقفت السلطات الايطالية ما يربو عن 80 فردا مقربين من جماعة العدل والإحسان في مختلف مدن ايطاليا مثل فينيتو وإيميليا رومانيا وفريولي ولومبارديا وايركي .. تنفيذا لقرار من النيابة العامة الايطالية ، وقد جندت السلطات الايطالية 450 من أفراد قوات  الأمن لإيقاف المستهدفين بهذه الهجمة التي امتدت من الفجر إلى منتصف النهار بعدما تمت عملية تحليل حواسيبهم الخاصة،فلم يجدوا بها سوى  برامج دينية وملفات شخصية للمسؤولين عن بعض المساجد والجمعيات الثقافية فأطلق سراحهم جميعا بعد الاستماع إليهم.  أما وكالة المغرب العربي للأنباء وهي وكالة رسمية – وكعادتها دائما في تعاطيها مع أخبار الخصوم- أشارت في إحدى قصاصاتها أن السلطات الايطالية احتفظت ببعض الموقوفين، وذلك بهدف التشويش على الرأي العام الذي يعرف جيدا مسيرة العدل والإحسان في رفضها للعنف بكل أشكاله وتجلياته ، ناهيك على أن وجود تنظيم العدل والإحسان يغطي تقريبا دول أوربية عديدة مثل بلجيكا وهولندا وألمانيا والسويد واسبانيا ، وكثير من دول الاتحاد الأوربي وأمريكا وكندا ...وغيرها من بلدان الغرب، ولها جمعيات مدنية ناشطة ومواقع الكترونية بلغات أجنبية تخاطب القوم بلغتهم، وتتواصل معهم بثقافاتهم التي تتحرك ضمن مناخها السياسي المتسم بقدر من الحرية المفقودة بالمغرب

جماعة العدل والإحسان من جهتها قالت بأن الاعتقالات والمداهمات كانت لها علاقة بالمبادرة التي تشرف عليها بعض الجمعيات المنتسبة لمدرسة العدل والإحسان في إطار تنظيم الحج، والتي عرفت نجاحا وإقبالا كبيرين، وعادت فأكدت أن لهذه المداهمات علاقة بالتضييق على جماعة العدل والإحسان بالمغرب وتصدير ذلك إلى الخارج، ما يعني أن للمخابرات المغربية علاقة بذلك

السؤال : لماذا التضييق على العدل والإحسان في ايطاليا؟ وهل يمكن أن تطال عمليات التضييق باقي دول الاتحاد الأوربي؟ وما هي خلفيات هذا التضييق؟ هل التضييق على العدل والإحسان ناجم عن قوتها التي تجاوزت تنظيم الإخوان المسلمين العالمي في أوربا كما ذكرت بعض التقارير الاستخباراتية ؟ وهل النظام السياسي المغربي ضالع في هذا التضييق؟ وما هي النتائج المرجوة لدى الدولة المغربية في التضييق على العدل والإحسان في الخارج؟ وما مدى نجاحه خارجيا بعدما أعياه التنظيم داخليا في عمليات ترويضه وتركيعه كما حدث مع تنظيمات أخرى إسلامية وعلمانية؟ فما الفرق، إذن، بين العدل والإحسان في داخل المغرب وبين العدل والإحسان في الخارج؟ 

هذه الأسئلة سنتخذها صوى رئيسة في محاولة مقاربة  خلفيات هذا التضييق على جماعة العدل والإحسان خارج المغرب، وفي ايطاليا / أوربا بلاد حرية التعبير عن الرأي والتنظيم وحقوق الأقليات... وما يستتبع قيم الديمقراطية في عالم الغرب. وكذا عما يمكن أن يكسبه طرفا الصراع النظام المغربي /جماعة العدل والإحسان

 "جماعة العدل والإحسان" أم "مدرسة العدل والإحسان" ؟ 

المواكب والمتابع للشأن السياسي بالمغرب، فضلا عن الباحث في شؤون الحركات الإسلامية،  لابد له من أن يتوقف على جماعة العدل والإحسان بالمغرب كأهم تنظيم من حيث أدبياته وبرامجه التربوية والفكرية والسياسية، ومشروعة المجتمعي المتميز بعيدا عن موقف الاختلاف أو الاتفاق مع هذا المشروع، كما تشكل جماعة العدل والإحسان قوة اقتراحية بامتياز على حد تعبير الصحافي المغربي إدريس ولد القابلة )جريدة القدس العربي،24-02-2004)، هذا ما يمكن أن يفيدك به الدارس والباحث للعدل والإحسان كفصيل إسلامي مغربي يتمتع بقوة جماهيرية يحسده عليها "الحساد" ويغبطه عليها "الأحباب"، ويحسب له النظام المغربي أدق الحساب.

أما عن تنظيم العدل والإحسان خارج المغرب فلن يظفر المتابع والمواكب بدراسة موضوعية وافية وضافية، اللهم بعض التقارير الاستخباراتية التي بدأت ترشح في الأيام الأخيرة في بعض المنابر الإعلامية الدولية !! بخلاف جماعة الإخوان المسلمين التي دونت حول وجودها في الغرب كتب ونوقشت بصددها رسائل جامعية في أكبر جامعات أوربا، وأثمر وجودها بأوربا كبار المفكرين والمثقفين في الغرب في مقدمتهم المفكر السويسري طارق رمضان وهو نجل المفكر الإسلامي سعيد رمضان وحفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين

فماذا عن تنظيم العدل والإحسان بالغرب ؟  

بعد شيوع خبر اعتقال أعضاء من العدل والإحسان في ايطاليا سارعت بعض الجرائد الوطنية إلى إجراء حوارات وتصريحات مع بعض القيادات في جماعة العدل والإحسان، وكان الاختيار على السيد عمر أمكاسو، ليس بسبب أنه قيادي في التنظيم وحسب، ولكن بسبب معرفته بأجواء العمل الإسلامي في ايطاليا بشكل عام والعدل والإحسان على وجه التحديد، لأنه من المداومين على زيارة ايطاليا، وقدم فيها محاضرات، وشارك في ندوات تهم الجاليات الإسلامية في أوربا ، وبالتالي فهو أعلم من غيره بطبيعة وأجواء العمل الإسلامي هناك. ما أثار الانتباه في تصريحات السيد عمر أمكاسو، كان يفرق بين جماعة العدل والإحسان حين يتحدث عن المغرب، وعن مدرسة العدل والإحسان لما يتحدث عن خارج المغرب، والسيد أمكاسو فضلا عن كونه قياديا بجماعة العدل والإحسان فهو باحث أكاديمي (الدكتوراه في التاريخ)،وباحث في علوم التربية أيضا، بمعنى أنه يعي جيدا ما للمصطلح والمفاهيم والتعاريف من دور في المقاربة العلمية الموضوعية، والوظيفة التواصلية الإجرائية، فما الفرق بين العدل والإحسان الداخل، وبين العدل والإحسان في الخارج، ما الفرق بين الجماعة والمدرسة؟

  يقول السيد أمكاسو في تصريح لجريدة الحياة، 21-2 نونبر 2008، العدد 35."   يجب التمييز بين جماعة العدل والإحسان، كتنظيم قائم في المغرب وله ضوابطه التنظيمية والعضوية، وبين مدرسة العدل والإحسان، وهي عبارة عن مدرسة فكرية عالمية لها خطوطها ومبادئها السياسية والتربوية العامة. وليست هناك أدنى علاقة عضوية وتنظيمية بين جماعة العدل والإحسان والذين ينتسبون ويتعاطفون مع هذه المدرسة. وهؤلاء يؤسسون جمعيات وفق قوانين بلدانهم ويشتغلون في إطار عمل مشروع وسلمي ومدني. فالأمر، إذن، لا يتعلق بأعضاء من جماعة العدل والإحسان بل بمتعاطفين مع مدرسة الجماعة، التي هي مدرسة مفتوحة عالمية، على غرار مدرسة الإخوان المسلمين والدعوة والتبليغ أو غيرها، وينتسب إليها مغاربة وغير المغاربة ويشتغلون في إطار منظومة فكرية وتربوية وسياسية يصطلح عليها بالمدرسة المنهاجية أو مدرسة العدل والإحسان العالمية" ويضيف السيد أمكاسو عن أهم أوجه الشبه بين جماعة العدل والإحسان ومدرسة العدل والإحسان والتي من ضمنها " الخطوط الحمراء في هذه المدرسة هو عدم تبني العنف"

أما من حيث أوجه الاختلاف بين جماعة العدل والإحسان ومدرسة العدل والإحسان فهي كثيرة، لا تنحصر في مسألة الهيكلة التنظيمية وحسب، وإنما في العمل الإسلامي من حيث الفضاء العام الذي يتحرك فيه، وكيفية تعاطيه مع العوامل المساعدة والمعاكسة التي تقف في وجه التحول التي يسعى إليه كل عمل يثوق إلى التغيير بفاعلية وفق اطر مرجعية ،أي الإسلام ما دمنا نتحدث عن تنظيم إسلامي، فلا بد له أن من تفاعل العقل والنقل والإرادة مع التاريخ الذي يتحرك فيه وفق عملية جدلية لا تغفل الحافز والمحرك الذي هو الباعث الروحي كما هو مسطر في أدبيات التنظيم، أو ما يصطلح عليه بأسبقية العلم عن العمل. من هنا يبدر الاختلاف ما بين العدل والإحسان كجماعة منظمة في المغرب ، وما بين العدل والإحسان كمدرسة في أوربا التي من جهتها، بدأت تأخذ أشكالا من التنظيم في شكل جمعيات في دول الاتحاد الأوربي، حيث نظمت مؤتمرها العام في بروكسيل ببلجيكا يومي 12و13 من شهر ماي 2007 ، من أجل تأسيس رابطة أوربية جامعة بين هذي الجمعيات اتخذت لها اسما "جمعية المشاركة الإحسانية الإسلامية "وقد حضر المؤتمر عدد من الفعاليات المجتمعية والفكرية في مقدمتهم البروفيسور طارق رمضان الذي حاضر حول الأخلاق في المنظومة الإسلامية، وختم المؤتمر بمداخلة للسيد أحمد الرحماني باللغة الفرنسية، وهو أحد القيادات في مدرسة العدل والإحسان في أوربا، وكانت مداخلته معنونة بـ" الإسلام في أوربا : مسارات وأصول في التجديد الأخلاقي"، وأهم ما جاء في كلمته التي ألقاها أمام حضور يقدر بنحو 11 ألف مشارك ومشاركة من جميع أقطار أوربا تأكيده على أن

" أجواء التفاؤل والثقة في المستقبل ينبغي أن لا تعفينا من طرح الأسئلة المحورية والهامة في التعاطي مع قضايا الجالية الإسلامية لسببين اثنين :

- أولهما كون هذه الحركية لا زالت في بداياتها الجنينية ، بمعنى أنه لا زال ينتظرنا عمل جاد ومجهود أعمق سنعمل على بيانه من خلال هذا العرض .

كما أن بداية هذه الحركية تضعنا من الآن فصاعدا أمام اختيار حاسم منظور إليه من حيث مقاصده وأهدافه بشكل يدعو نوع من عدم التوافق والمفارقة الصارخة والبون الشاسع سنحاول الكشف عنه معولين على طرح الأسئلة التالية : أنحن مجرد أقليات تصارع من اجل كسب الاعتراف ونيل موقع داخل المجتمع ؟ أم نحن أبناء حضارة متميزة داعية إلى الأخوة المنفتحة على رحاب الإنسانية جمعاء والرافضة لكل أشكال التسلط والإفساد في الأرض؟؟" ومضى السيد الرحماني في مداخلته التي ركزت على الجانب الأخلاقي الروحي دون الإشارة ولو بكلمة واحدة إلى مطلب العدل الذي يشكل الشطر الأول من شعار الجماعة في داخل المغرب، ما يعني أن هذا المطلب هو متحقق على أرض واقع أوربا، وما يحتاجه المواطن في الغرب هو التربية الروحية، بهذا المعنى تغدو جماعة العدل والإحسان تتميز بعالمية الدعوة وقطرية التنظيم، ويصبح معها ذ. عبد السلام ياسين مرشدا قطريا وعالميا.  هنا يكمن الصراع ما بين العدل والإحسان والنسق السياسي المغربي الذي يشتغل في سياسته الدينية خارج المغرب على واجهتين: التكثيف من الوجود في أوربا عبر استنبات مؤسسات رسمية تابعة للنظام المغربي، وكذا إعطاء نظرة للمتابع ولو إعلاميا أن الزاوية البودشيشية في شخص الشيخ حمزة البودشيشي هي من تتمتع بقوة روحية عبر وجود مريدين كثر في أوربا ومن جنسيات دول الاتحاد الأوربي، والحقيقة أن جماعة العدل والإحسان في شخص مرشدها >.عبد السلام ياسين لها "سطوة" على متعاطفين وأعضاء منظمين بشكل جيد يفاخرون بحبهم لمرشدهم. والمخابرات وحدها تعرف عدد الأوربيين من جنسيات وأعراق ولغات مختلفة يفدون على بيت مرشد "المدرسة" بتعبير عمر أمكاسو قصد الزيارة لـ"زعيم" روحي من المغرب يتمتع بكاريزما تجاوزت الشخص إلى عالم الاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية

أسباب التضييق عن العدل والإحسان أوربيا : 

المداهمات التي طالت أعضاء مدرسة العدل والإحسان في ايطاليا تتشابه إلى حد ما مع بعض المداهمات التي تطال التنظيم بالمغرب من حيث توقيف الأعضاء واستنطاقهم وإطلاق سراحهم، دون أن نتحدث عن الخروقات التي يتسم بها تعاطي النظام المغربي في حربه على الجماعة بالمغرب. ولكن على الأقل هناك وجه الشبه حاصل في هذي النقطة على الأقل. ما يعني أن المخابرات الايطالية تعرف العدل والإحسان جيدا في رفضها لانتهاج العنف سبيلا في التعبير كما النظام المغربي أيضا. وإذا كان النظام المغربي يعرف هذا عن طريق مخابراته وتجربة طويلة ناهزت ثلاث عقود، فان المخابرات الغربية ومنها الايطالية  بشكل خاص تتحرك وفق معلومات تعتمد على دراسات وافية يعنيها المحافظة على السلم القومي دون المس بحرية الإنسان وحقوقه في العيش الكريم، أضف إلى هذا هو أن، وهذا هو المهم برأيي،  أغلب المتعاطفين لمدرسة العدل والإحسان من جنسيات أوربية، أي من البلاد الأصلية، وكيفما كانت نظرة الإنسان الغربي لأبناء جلدته فلن يتجاوز ذلك إلى ارتكاب خروقات على مستوى حقوق الإنسان بحق أبناء الوطن لأن حقوق المواطن في الغرب شيء مقدس، والدليل في ذلك مطالبة الدول الأوربية بإطلاق معتقليها من سجن كوانتنامو في خليج كوبا من لدن الولايات المتحدة الأمريكية طيلة مدة اعتقالهم، على عكس الدول العربية التي تجازي مواطنيها فور عودتهم من كوانتنامو إلى أرض الوطن في إعادة تعذيبهم عبر ما تسميها تحقيقات لا تنتهي مع تشديد المراقبة عليهم وترصد سكناتهم وحركاتهم، هذا في أحسن الأحول إن لم تعد محاكمتهم كما وقع في دول عربية كثيرة !! 

أضف إلى هذا هو أن منتسبي مدرسة العدل والإحسان في أوربا لهم قدرة هائلة على التكيف مع الثقافة العلمانية السائدة في الغرب، على عكس التنظيمات السلفية، حيث أن أكثر الأوربيين المنتمين للمدرسة يحافظون على أسمائهم الأوربية مثل جاك وميشال وفرنسوا وجوزيف ... ولما سألنا الكاتبة الفرنسية Aline أكدت لنا أن المرشد عبد السلام ياسين، بتعبيرها، يحضهم على الاحتفاظ بأسمائهم الأصلية فالأهم هو تغيير القلوب وليس الأسماء، وتضيف بأن أكثر المسلمين الأصليين يحملون أسماء الصحابة والأولياء الصالحين وهم أبعد ما يكون عن روح الإسلام. كما أن من بين النسوة الأوربيات المسلمات من لا يرتدي الحجاب بسبب إكراهات قانونية وثقافية في بعض دول الاتحاد الأوربي .  

إن آفاق التضييق على العدل والإحسان أوربيا تبقى محدودة وستلاقي فشلا ذريعا بالنظر إلى الأسباب التي ذكرناها كما فشلت آفاق التضييق داخليا، فكل أشكال التي جربتها الدولة في التعاطي مع العدل والإحسان كان "المستفيد" منها هو تنظيم نفسه، استفادت بداية من حاجة النظام المغربي للإسلام الحركي ضد اليسار الراديكالي، واستفادت من حاجته إلى التصوف لمحاربة الاتجاه السلفي ، كما استفادت أيضا من الحصار على رمزها الذي دام عقدا من الزمن، فكل مرة نجد للعدل والإحسان نصيب من الاستفادة،...والدولة الآن تريد أن تحارب الجماعة، وهذه معلومة جديدة لا يعرفها كثير من المتابعين، من خلال التشيع في طابعه الصوفي، لكن هذي الاستراتيجية هي أيضا سيكون مآلها الفشل، بسب أن مدرسة العدل والإحسان مغربية خالصة وفيها قدر من التشيع الوجداني المعروف في التصوف المغربي كمدرسة، حتى لا نقول المذهبي، فحب آل البيت مسألة ينزلونها أصحاب العدل والإحسان منزلة التعظيم والتكريم، وهنا يعن لنا التذكير أن عبد السلام ياسين في الشريط السادس لما تحدث عن استشهاد الحسين بن علي بكى إلى درجة أن البعض اتهمه بالتشيع في مرحلة كان فيها الخميني يبشر بتصدير الثورة، والحسن الثاني والعلماء الرسميون كانوا آنذاك يكفرون الخميني، أضف إلى هذا أن مرشد الجماعة يقول بانتسابه لآل البيت، ويعتبر  الثورة الإيرانية إحدى خطوط التغيير التي يمكن للأمة أن تسترشد بها ضد حكام الجو. فماذا بقي للتشيع غير سب الصحابة وزواج المتعة وهي أمور مرفوضة في المجتمع المغربي !!  

أبعاد التضييق على العدل والإحسان أوربيا 

  إذا ما وضعنا في الاعتبار أن المداهمات التي وقعت في ايطاليا لها علاقة بالتضييق على جماعة العدل والإحسان بالمغرب وتصدير ذلك إلى الخارج، كما قالت مصادر من العدل والإحسان، فما هي مصلحة النظام المغربي في التضييق على العدل والإحسان خارج المغرب بعدما أعيته عمليات التضييق المسترسلة في الداخل والتي اشتدت السنتين الأخيرتين، وهل يمكن أن تطال عمليات التضييق باقي دول أوربا؟؟.

بالرغم من أن العدل والإحسان تحمل شعارا قطريا داخل المغرب وآخر عالميا هو التربية الروحية أو ما يسمى بالمدرسة الإحسانية في خارج المغرب مع مراعاة ظروف الحركة لكلا التنظيمين، فلا شك أن هناك علاقة جدلية بين الداخل والخارج، فحين تمت محاصرة العدل والإحسان داخليا أثناء تنظيمها ما سمي بالأبواب المفتوحة، بادرت الجمعيات المتعاطفة معها قبل تأسيس ما أطلق عليه " جمعية المشاركة الإحسانية الإسلامية" إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام السفارات المغربية في اسبانيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا للتنديد بخروقات حقوق الإنسان التي طالت أعضاء الجماعة في المغرب، حيث تم تنظيم محاضرات وندوات لتعريف المواطن الأوربي بالعدل والإحسان ومشروعها المجتمعي، وما تتعرض له من ملاحقات ومداهمات حضرتها جمعيات حقوقية، وغطتها منابر إعلامية غربية وعربية، الشيء الذي أربك النظام المغربي ولم يستطع أن يواصل خنقه للجماعة بالطريقة التي كان يعول عليها، لأن الجماعة وجدت رئة خارجية تسعفها في التنفس ، منتهجة قول الشاعر محمود درويش " حاصر حصارك " !! 

كما أن مدرسة العدل والإحسان في أوربا ليست لها مشكل مع البلدان التي تنشط فيها، لأن مطلب العدل متحقق، وبما أن لها متعاطفين وأعضاء من البلدان الأوربية يحملون جنسياتها، أي مواطنون أوربيون على قدر كبير من الكفاءة العلمية ، وفرص الانجاز موجودة، ما دامت كل أبواب النجاح وشروط العمل متوفرة في بلاد الغرب، يمكن أن يصل هؤلاء إلى مصادر القرار في بلدانهم، ومن ثمة سيكون حصار العدل والإحسان لحصارها بالداخل أقوى وأشد. وهذه إستراتيجية يعرفها النظام المغربي وتعرفها العدل والإحسان عملا بالحكمة القائلة " اعرف عدوك" !!    

  نخلص إلى أن التضييق على العدل والإحسان في ايطاليا يمكن أن يشمل دول أوربا، غير أن آفاقه تظل محدودة، إن لم نقل سيكون مصيرها الفشل، لأن العدل والإحسان علمتنا أنها تخبئ مفاجآت في تعاطيها مع التضييق الذي يطالها، إذ لا أحد كان يظن أن جماعة العدل والإحسان ستنزل إلى الشواطئ عام 2000بعدما منعت مخيماتها الخاصة التي كانت تعرف مشاركة قوية  من المغرب والخارج ، حدث فاجأ كل الفاعلين في النسق السياسي المغربي من علمانيين وإسلاميين ...وهلم جرا !!  

المصدر:
http://hespress.com/?browser=view&EgyxpID=9876

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :